Canalblog
Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Le Blog d'AFAILAL!

9 janvier 2008

شيخ الطريقة سنده وإجازته وخلقه وتحصيله العلمي


 

شيخ الطريقة القادرية البودشيشية


سيدي حمزة بن العباس رضي الله عنه

  سنده وإجازته وخلقه وتحصيله العلمي

 

 

 


 

 

 



 

 

 

مجموعة العمل: السادة

 

 

  حسن بوشفة ­­/ حسن السمان/ عبد العزيز أفيلال

 

 

  عثمان المسناوي / إبراهيم أفيلال 

 

 

 

 الدورة الأولى نوفمبر 2007

 

 

 


الفهرس

 

 

مقدمة: 2

1. سنده 3

2. تحصيله العلمي. 6

أ‌- المرحلة الأولى: تلقيه لعلوم الشريعة الإسلامية بزاوية أسرته العريقة 7

ب‌- المرحلة الثانية: سفره إلى وجدة طالبا للعلم. 8

ت‌- المرحلة الثالثة: عودته إلى الزاوية مدرسا لعلوم الشريعة 9

ث‌- المرحلة الرابعة: انتظامه في سلوك طريقِ التربية والتحقيق. 10

3. خلــــقه 11

الخاتمة: 14

وصية الشيخ سيدي العباس لسيدي حمزة القادري البودشيشية. 16

 

 


 

بسم الله الرحمن الرحيم:

 

{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }

[1]

 

 

  عرفت الطريقة القادرية البودشيشية في العقود الأخيرة من هذا العصر إشعاعا كبيرا عم كل أرجاء المعمور، وذلك بفضل نهج شيخها المجدد لمناهج السير والسلوك في تلقين الحقائق بما يناسب الخلائق في هذا العصر الذي طغت في الماديات وانحطت فيه الأخلاق، وانفصل فيه العلم عن العمل، وسيطرت الغفلة على القلوب وكثرت أسقامها.

 

 فاحتاجت الأمة إلى من يجدد أمر دينها ويصلح حالها، ويخرجها من مأزقها الحضاري الأخلاقي، فقيد الله لها أولياء وصلحاء يدلون عليه بالحكمة والموعظة الحسنة. داعين إلى مكارم الأخلاق، سالكين نهج سيد العارفين وإمام المرسلين سيدنا ونبينا محمد المصطفى الأمين، متأسِّين بنهجه القويم. فكانوا قدوة تصلح أحوال العباد وهداية بعد الضلالة إلى الرشاد. فكان الشيخ أبو جمال الحاج حمزة بن العباس القادري الحسني رضي الله عنه مثالا حيا للدعوة على الله بالله ميسرا أمر الطريقة جامعا بين الشريعة والحقيقة. داعيا إلى مكارم الأخلاق حاثا على الفضيلة ناهيا عن الرذيلة. منتهجا نهج أسلافه الكرام. خلفا عن سلف إلى سيدنا رسول الله. صلى الله عليه وسلم.

 

1.ســـــنـــــده

 

إن أهم ما يميز الطريقة الصوفية: السند الروحي لشيخها المتصل بالمربي والمزكي الأول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويعتبر الشيخ الحي المأذون في التربية والتزكية الروحية، مجدد مناهج السلوك إلى الله شرط أن يكون قد أخذ عن شيخ واصل موصل في سلسلة مباركة من مرب إلى مرب إلى سيد العارفين وإمام الواصلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم[2].

 

وتتميز الطريقة القادرية البودشيشية بتكامل السند نسبا شريفا طاهرا ونسبة متصلة صوفية روحية، إذ يرتفع نسبها من شيخها الشريف القادري الحسني سليل أهل الصلاح والجهاد والولاية والهداية سيدي أبي جمال حمزة عن أبيه العارف بالله الولي الناصح الصادح بالحق والحقيقة سيدي الحاج العباس قدس الله سره اللذين أخذا تباعا عن سيدي أبي مدين بن المنور الذي أخذ بدوره عن صلحاء زمانه سيدي المهدي بلعريان تيجاني الطريقة خلوتي المشرب، وولي الله تعالى سيدي مَحَمَّد لحلو الفاسي الشاذلي الدرقاوي. وكان عمدة الشيخ أبي مدين في طريق التصوف هو ابن عمه المجاهد سيدي المختار (حسب ما ذكر في الجزء الخامس من معلمة المغرب) الذي جمع بين معاني الشريعة والحقيقة والتصوف المثالي والوطنية الصادقة[3]، فجاهد الاحتلال الفرنسي بشرق المغرب وتزعم قبائل بني يزناسن، فحارب حتى انهزم واضطر إلى الاستسلام والتنازل بعد تلقيه رسالة من السلطان مولاي عبد العزيز كي يمكن الدولة من اتخاذ قرار موحد، ولم يعمر بعد ذلك طويلا إذ توفي سنة 1332 هـ / 1914 م؛ فقد جمعت فيه خصال المجاهد الصادق والمطيع لأولي الأمر المفروض بقوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}[4]  وسيدي المختار المجاهد هو جد سيدي حمزة لأبيه وقد أخذ سيدي المختار عن والده سيدي محيي الدين، قاضي الجماعة ببني يزناسن، قدس الله سره عن أبيه سيدي الحاج المختار الشهير المعروف بالكبير حيث اشتهر رضي الله عنه بالشهامة والكرم والإقدام على أعمال الخير، فعاصر الأمير عبد القادر الجزائري وناصره في الجهاد ومقاومة الغزاة الفرنسيين مما زاد من إشعاع الزاوية وقوى نفوذها بين قبائل شرق المغرب كما أنه لم يأل جهدا ويدخر وسعا في معركة إسلي إلى جانب الجيوش السلطانية الباسلة، عن الشيخ المختار الأول عن سيدي مَحمَّد فتحا عن سيدي علي الذي لقب ببودشيش نظرا لإطعامه الطعام المعروف بالدشيشة للأهالي الذين جاءوا من كل حدب وصوب وضربوا خيامهم بجوار الزاوية أثناء مجاعة اجتاحت المنطقة، فأهلكت الضرع والزرع.الذي أخذ بدوره عن أبيه أبي دشيش، عن سيدي محمد، عن سيدي محمد، عن سيدي محمد (ثلاث محمدين) على التوالي، عن الشيخ أبي دخيل، عن سيدي الحسن، عن سيدي شعيب، عن سيدي علي، عن سيدي عبد القادر، عن سيدي محمد، عن سيدي محمد (محمدين اثنين)، عن سيدي عبد الرزاق الثاني، عن سيدي إسماعيل، عن الشيخ عبد الرزاق الأول[5]، عن والده الشيخ الأكبر سيدي محيي الدين عبد القادر الجيلاني بسنده إلى مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

ويجب الإشارة إلى أنه لما انتقل الشيخ أبو مدين إلى دار البقاء سنة 1375 هـ/1955 م خلفه الولي الرباني سيدي الحاج العباس بمهمة التربية والإرشاد والنصح لأهل السلوك والاجتهاد إلى أن التحق بالرفيق الأعلى يوم الثلاثاء 22 فبراير 1972م الموافق ذي الحجة 1391هـ فآلت الدلالة على الله إلى الملهم بإذن الله ورسوله سيدي الحاج حمزة، أطال الله عمره، مثبتة بوصية[6] حررت بوجدة بتاريخ 13 ذي القعدة 1387هـ الموافق 19 فبراير 1968م موقعا عليها رضي الله عنه مع شهادات لبعض كبار الطريقة وقتها مع إمضاءاتهم. فأعاد الله بالشيخ سيدي حمزة للتصوف مجده وعزه، وأحيى به طريقته وحقيقته، ولازال إلى وقتنا هذا رضي الله عنه وأطال عمره وحفظه حاملا لواء الدعوة إلى الله ومنيرا طريق السالكين لحضرته الذي أنقذ الله على يده الكثير من الحائرين، وأصلح الكثير من الفاسدين، وأيقظ الكثير من الغافلين، أطال الله عمره وزاد في مدده.

 

2.تحصيله العلمي

 

الحديث عن البعد العلمي والمعرفي في شخصية شيخنا سيدي حمزة رضي الله عنه، يجب أن يؤخذ فيه بعين الاعتبار الغاية من العلم عند هذا المربي الذي أوتي حكمة الدعوة وروحها:حكمة الدعوة التي تتجاوز في تربية القلوب قصور العبارة وحدود الإشارة، وكثرة اللغو وعقم الجدال والحشو، وتعتمد أساسا لها الحكمة القائلة: (خير الكلام ما قل ودلّ)؛ أما "روح الدعوة"، فهي التي تسمح بإخراج الغافل من حال غفلته إلى حال الذكر ، دون اعتماد على لغة و لا فكر؛ ولكن بمجرد النظرة تزال الغفلة؛ وكما قال رضي الله عنه: (الذي أوتي حكمة الدعوة وروحها هو الذي ينقلك بنظرة من حال الغفلة إلى حال الذكر، بلا مجادلة ولا كلام (ومن نظر إلى مغفور غفر له))[7] ويرتبط التحقق بـ"حكمة الدعوة"، بالغوص في العلوم اللغوية والشرعية، وبالاجتهاد في العمل بها سرا وعلانية. أما التحقق بـ"روح الدعوة" فيتأتى لمن ذكر الله كثيرا وصاحب الصالحين وتأدب معهم في الظاهر والباطن، ومنَّ الله عليه بفضله ليتحقق بمعرفته حق المعرفة.

 

 وهذه نبذة موجزة عن أهم مراحل المسيرة العلمية المعرفية الخاصة بشيخ تعمق في علوم الشريعة وترقى في علوم الطريقة وتحقق بعلوم الحقيقة: الشيخ الجليل سيدي حمزة رضي الله.

 

أ‌- المرحلة الأولى: تلقيه لعلوم الشريعة الإسلامية بزاوية أسرته العريقة

 

حفظه القرآن الكريم و تلقيه علوم الشريعة الإسلامية بزاوية أسرته المحبة للعلم والعلماء، فكان عمه سيدي المكي بن المختار رحمه الله، أبرز علمائها الذين عرفوا بسعة علمهم واطلاعهم على مصنفات الفقه و النحو و التصوف وغيرها من علوم الآلة. وما المكتبة التي تركها هذا العالم الجليل بعد رحيله إلى مثواه الأخير رحمه الله ـ وهي المكتبة المصونة بمنزل ابنه سيدي عبد الحفيظ، الجامعة لعدد كبير من الكتب والمخطوطات ـ ؛ إلاّ دليل على حبه للعلم والمعرفة وغوصه في بحارها واغتنائه بكنوز قواميسها. ودليل، أيضا، على رقي المستوى المعرفي والثقافي للبيئة التي نشأ فيها شيخنا سيدي حمزة رضي الله عنه؛ البيئة التي كان لها الأثر الكبير في نفسيته وعقله، فنشأ نتيجة لذلك محبا للعلم والعلماء؛ وهي البيئة نفسها التي كان لها الأثر الأكبر في وجدانه وقلبه، بحيث ترعرع بين صلحائها في فضاءات نورانية روحية، فكان غصنا يانعا من شجرة طيبة تؤتي أكلها كل حين، شجرة شريفة نسبة ونسبا، أثمرت وتثمر وستثمر بإذن العلي العليم علماء عاملين صلحاء مصلحين. والشيخ حمزة بن العباس ثمرة هذه الشجرة المباركة في هذا الزمان، وهي ما تزال والحمد لله رب العالمين زاخرة بالأغصان مزهرة بالأفنان.

 

 ففي هذه الزاوية العامرة، أخذ الشيخ سيدي حمزة علوم الفقه واللغة والنحو عن علماء فقهاء أمثال:

 

الفقيه العلامة أبي الشتاء الجامعي،

 

والفقيه العلامة محمد بن عبد الصمد التجكاني،

 

والفقيه العلامة علي العروسي اليزناسني،

 

والفقيه العلامة حُمَيْد الدرعي[8] .

 

ب‌- المرحلة الثانية: سفره إلى وجدة طالبا للعلم. 

 

خرج الشيخ حمزة من قرية "مداغ" (بإقليم بركان بشرق المغرب الأقصى )متجها إلى مدينة وجدة لمتابعة دراسته بالمعهد الإسلامي الذي كان تابعا لنظام جامعة القرويين بمدينة فاس؛ وهو الأمر الذي مكنه من التعرف على نمط تعليمي جديد يتميز بنظام خاص في التدريس والتكوين، فأخذ علوم البلاغة و العروض، ودرس المعلقات السبع، على يد أستاذه الأديب أبي بكر بنزكري ناظر الأحباس آنذاك. كما درس النحو العربي من خلال متن "الأجرومية" و كتاب "الألفية" بالاعتماد على شرح المكودي لها، وشرح ابن عقيل وشرح الموضح، وذلك في حلقة الأستاذ العلامة عبد السلام المكناسي. كما أنه، رضي الله عنه، تبحر في العلمين الشريفين: التفسير و الحديث، على يد الفقيه العلامة سيدي محمد الفيلالي. واستكمل تكوينه في فقه الأحكام الشرعية العلمية على يد فقهاء أجلاء كسيدي محمد بن إبراهيم اليزناسي وسيدي الحبيب سيناصر موليا، رضي الله عنه، مزيدا من العناية بالفقه المالكي، فدرس "الرسالة" لابن عاشر و"التحفة" لابن عاصم و "مختصر" الشيخ خليل بن إسحاق.

 

وكان حصاد هذه الرحلة الزيادة في العلم ، والغوص في دقائق الشرع، والاقتراب من ظروف المدينة والتعرف على طبائع سكانها؛ وهو الأمر الذي أفاده في مجال إصلاح القلوب و إزالة ما علاها من صدئ الأدران والعيوب.

 

ت‌- المرحلة الثالثة: عودته إلى الزاوية مدرسا لعلوم الشريعة 

 

وبعد عودته إلى زاوية أسلافه، تصدر بها، منذ سنة 1940 ، مجالس العلم لتدريس علوم مختلفة كالنحو و الفقه و السيرة النبوية، وذلك تحت إشراف العلامة سيدي محمد الكبداني[9].

 

فكان متعلِّما للعلم عاملا به معلِّمه. فوافق ظاهر حكمة عقله حقيقة باطن سر قلبه؛ وهو القائل: تعلموا العلم وعلموه الفقراء، ولا تقفوا مع علمكم لأنه وسيلة لمعرفة ربكم، لا زي يقتنى ولا حلية يتزين بها في المناسبات أو تتخذ للممارات والمراءاة، وإلا صار حجابا؛ وهو حجاب نوراني، والحجب النورانية أشد، لأن إزاحتها عن القلب أعسر من الحجب الظلمانية[10].

 

ث‌- المرحلة الرابعة: انتظامه في سلوك طريقِ التربية والتحقيق

 

وبعد أن تمكن من العلوم الكسبية، انتظم مع والده الجليل سنة 42 19، في سلوك طريق التربية والتحقيق على يد الولي الكبير، العارف الكامل، الشيخ سيدي أبي مدين بن المنور القادري البودشيشي[11]. فتحقق بالجمع بين علم الشريعة وعلم الحقيقة، فلم تحجبه الشريعة عن رؤية الحقيقة، ولا الحقيقة عن رؤية الشريعة، بالغا بذلك مقام الكمال والتمكين الذي تحقق به كبار العارفين رضي الله عنهم أجمعين.

 

 وأخلاقه الفاضلة، رضي الله عنه، لهي خير دليل على بلوغه هذا الكمال وتحققه بهذا التمكين،  ولهي أجلى برهان على سيره، رضي الله عنه، على قدم سيد المرسلين، سيدي محمد (ص)، الرسول الأكرم الأمين، الذي قال فيه الحق سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[12]

 

 

3.خلــــقه

 

 أعطاه الله رضي الله عنه حُلتين العلم والصلاح، وزاده خلقا فكان ولا يزال ميسرا في دعوته مع مريديه ومع الناس معترفا بفضائل مشايخه من العلماء، معظما للقرآن، وكريما متواضعا مع حفظته، خادما وفانيا في شيخه متيقنا بالله وموثرا على نفسه، رحيما شفيقا بخلق الله.

 

واعيا بمناعة النفس ومادية العصر، يدعو إلي الله بالترغيب والتيسير حتى ينجح في دعوته إلى الله. يقول رضي الله عنه وأرضاه:" الوقت غير الوقت، والناس غير الناس، فلا بد في هذا العصر أن يتنازل الشيخ، ويغض الطرف عن كثير من النقائص ولا يؤاخذ بها المريد، لأن طلب وجه الله في هذا الزمان عزيز، وحمل الناس علي الجادة حملاً ربما ينفرهم بالمرة "[13]

 

فهذا الخلق يذكرنا بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا.[14]

 

فإذا كان حكيما في دعوته، فإنه رضي الله عنه يعترف بمحاسن مشايخه من علماء مدرسة وجدة الذين درس عليهم حيث ينوه بدقة حفظهم، وسرعة بديهتهم واستحضارهم، وحسن فهمهم وغيرتهم على الدين وفرارهم من مباهج الدنيا وفتنتها.[15]

 

بما أن طريقته رضي الله عنه تعتمد على الكتاب والسنة بالدرجة الأولي، فهو يجمع حفظة القرآن بين الفينة والأخرى حتى يستظهروا الختمات تلو الختمات وتستمر التلاوة في بعض الأحيان حتى الفجر ويكرمهم وينفق عليهم من حرماله ويطلب منهم الدعاء .[16]

 

هذا يدل على تعظيمه للقرآن، وإكرامه وتقديره لحفظته. كما يظهر تواضعه وخشيته على نفسه رغم صلاحه وولايته إسوة برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال: لن يُدخِل أحداً عملُه الجنة. قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: لا، ولا أنا...، الحديث.[17]

 

  فإذا كان رضي الله عنه خادما لكتاب الله وحامليه فإنه أيضا كان خادما معظما فانيا في أبيه الروحي_شيخه ومربيه الحاج سيدي أبي مدين بن المنور رحمه الله _ حيث يقول " كنت أنا وأبي العباس أكثر الفقراء خدمة له والتصاقا به .[18]

 

فبفضل هذه الصحبة مع شيخه، أكرمه الله بالسخاء والجود والعطاء، حيث كان ينفق على المحتاجين حتى لا يبقي في جيبه شيء و هو يقول "هم أولى بها و أرزاق الله واسعة "،أو يقول "ما عودني ربي إلا خيرا و ما أعطيت درهما إلا ضاعفه سبحانه أضعافا مضاعفة ، و لا أنفقت من قليل إلا كثره ".هذا أيضا إن دل على شيء إنما يدل على إيثاره. { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[19] ْ

 

ففضل هذه الصحبة الربانية لن يقف عند هذا الحد، بل زاده الله سبحانه وتعالى فضلا بأن أدخله جنة مكارم الأخلاق من بابها الواسع: الرحمة والشفقة، قال تعالى: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[20] وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء".[21]

 

فكثيرا ما يردد رضي الله عنه "الرحماء يرحمهم الله " اللهم ارحمنا بالمرحوم فينا" "وما سمع بمريض من مريديه أو أقاربه أو من سائر المؤمنين إلا عاده بنفسه أو أرسل من يعوده إن تعذر عليه عيادته، وما قصده مَدين إلا فك دينه " ولا دخل داره جائع إلا أطعمه بأحسن طعام، ولا جاءه ذو قصد إلا وفاه بقصده أو دعا له بخير، وكثيرا ما يظهر التأثر على وجهه إشفاقا وربما بكي رحمة وأسفا. قريب الدمعة، رقيق القلب، لين الجانب، رفيق بالمؤمنين، محب للمحسنين وإن لم يكونوا على نهجه أو من طريقته، عفو على من ظلمه، معط لمن حرمه، لا يقابل الإساءة إلا بالإحسان، ولا الضرر إلا بالصبر، ويعمل في السر أكثر من عمله في العلانية، واصل للعلماء العاملين، محب لهم، مشفق عليهم وعلى أهل الصلاح والمروءة المستورين والظاهرين.[22]

 

 يتبين من خلال ما سبق أن أخلاق سيدي حمزة رضي الله عنه وأرضاه لا يمكن حصرها، فهي جامعة لكل الشمائل المحمدية، فهو يسعى دائما إلى ترسيخ الأخلاق الفاضلة بين مريديه وحثهم على التعامل بها مع كافة الكائنات ناهجا بذلك سبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي وصفه الحق تعالى في الآية الكريمة [ وإنك لعلى خلق عظيم].[23]

 

 الخاتمة:

 

نستنتج من خلال ما سبق أن شيخنا سيدي حمزة رضي الله عنه قد اجتمعت فيه كل أوصاف الكمال والتمكين من علم وعمل، وصلاح وولاية، ونسبة ونسب، فهو العارف بالله الدال عليه به. وهذا ما يفسر انتشار الطريقة القادرية البودشيشية في كل أنحاء العالم، واستقطابها لكل فئات المجتمع، وذلك بتأييد من الله تعالى وتوفيق منه؛ امتثالا لمراده الله ومشيئته في إصلاح دين أمة نبيه صلى الله عليه وسلم الذي قال: "إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لهذِهِ الأمَّةِ عَلَى رأْسِ كلِّ مائةِ سنةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَها".[24]

 


  

 

 [7] نبذة عن الطريقة القادرية البودشيشية،د.ت، ص17.

 

 

 

[8]  م.ن،د.ت،ص6.

 

[9]  م.ن،ص ن.

 

[10]   م.ن،ص 12.

 

 [11] م.ن، ص7.

 

[12]  سورة القلم. الآية(4).

 

[13] نبراس المريد ص 61

 

[14]صحيح البخاري، باب الأدب، رقم 4794  

 

[15] نبراس المريد ص 73

 

[16] نبراس المريد ص 73-74

 

[17] صحيح البخاري،كتاب المرضى، رقم: 5349

 

[18]نبراس المريد ص 78

 

[19] سورة الحشر الآية 9

 

[20] سورة التوبة الآية 128

 

[21] سنن البيهقي ح رقم 17683

 

[22] نبراس ص 123

 

[23] سورة القلم الآية 4

 

[24] سنن أبو داود، باب ما يذكر في قرن المائة، ح. رقم 4291

 

http://www.tariqa.org/ar/wassiya.php  [25]

Publicité
Publicité
Publicité